6/01/2009

وإن كنت عضم في قفه


بسم الله الرحمن الرحيم

وإن كنت عضم في قُفه

كادت لبنى أن تنتهى من أعمال المنزل وقد أنهكها العمل فهى منذ الصباح تحاول جاهده أن تنهى أعمال المنزل سريعاً وذلك قبل أن يصل زوجها الحبيب حازم .
وكانت قد أعدت له مفاجأه تود لو أن يسعد بها ألا وهى الحفله التى إعتادت أن تقيمها كل عام ليحتفلا سوياً بعيد زواجهما وها قد مرت ثلاثة أعوام على زواجهما ومازالا الحب يرفرف بجناحيه على عشهما الهادئ راجية من الله أن يستمر للأبد. وأخذت تفكر في الهديه المناسبه والتى ستقدمها له في هذه المناسبه السعيده فور وصوله .
وقد أنهكها التفكير فهى تود لو تهدى زوجها الغالى أغلى وأقيم هديه تعبر عن مدى حبها له .حتى أهداها تفكيرها لشراء ساعه قيمه عوضاً عن ساعته القديمه والتى إشترتها له منذ عامين .
ولم يخرجها عن شرودها سوى رنين هاتفها وكانت قد وضعت رنه مميزه لزوجها يرفرف لها قلبها كلما سمعتها
ألا وهى
(أنا لك على طول)
وأمسكت بهاتفها مبتسمه قائله في دلال :ألو أيوة يا حازم.
ولكنها صدمت حينما وجدت أن من يحادثها صوت آخر غير صوت زوجها .فأوجس قلبها خيفه وتسارعت دقات قلبها فردت قائله : ألو من معى .
رد من على الهاتف قائلاً: أريد أن أحادث السيده لبنى .
ردت لبنى : أنا لبنى. من أنت ؟وماذا تريد؟
رد من يحادثها : أرجو الحضور لمستشفى السلام حالاً فلقد أصيب زوجك حازم في حادث وتم نقله إلى المستشفى في حاله سيئه كان الله في عونك .
وإنتهت المكالمه .
ظلت لبنى ممسكه بهاتفها غير مدركه كم من الوقت مر عليها وهى في حالة الذهول هذه .
وإذا بها تنهار باكيه غير مصدقه لما سمعته .
ظلت لبنى فتره من الوقت تبكى وقد حاولت أن تستجمع شتات نفسها حينما أدركت أن الوقت يمر ولا بد لها أن تتصرف سريعاً كى تلحق بزوجها الحبيب.
وإتصلت على الفور بأخيها محسن والذى كان يقطن على بعد شارع منها وفي دقائق معدودة كان محسن قد وصل إلى باب العمارة ليجد أخته لبنى في إنتظاره في حاله لا يرثي لها .
حاول محسن أن يهدىء من روع أخته والتى إلتزمت الصمت إلى أن وصلا إلى المستشفى التى يتواجد بها شريك حياتها وقرة عينها .
وفي نفس اللحظه كان حازم يتأوه ألماً ويتوجع لما حدث له وحينما أفاق وأدرك أنه ما زال على قيد الحياه حمد الله الذى لا يحمد على مكروهٍ سواه .أخذ حازم يسترجع ما حدث فتذكر كيف أن هذا السائق المتهور قد إصطدم به من الخلف بسبب سرعته الجنونيه مما جعل سيارته تنقلب عدة مرات إلى أن إستقرت فأسعفه شهامة الناس ولم يهمهم وقتها إحتراق عربته وأنه في لحظه واحده من الممكن أن تنفجر .ورغم هذا فلقد سارعوا بإنقاذه غير مكترثين لما يمكن أن يحدث .حمد الله حمداً كثيراً على ما حدث .فهو على ثقه ويقين أن ماحدث له قضاء وقدر وأن الله سبحانه وتعالى له حكمة في ذلك .أعجبه شهامة أولاد بلده ووقوفهم بجانبه رغم كونهم لا يعرفونه .مخاطرين بحياتهم في سبيل أن ينجدوه.ولم يتذكر سيارته التى إحترقت في الحادث بالرغم من حداثتها .
وتذكر باقة الورد والتى كان يضعها جانبه ليقدمها لزوجته الحبيبه لعلمه مدى حبها للورود.فلقد هداه تفكيره أن يقدم لها هذه الباقه في عيد زواجهما والذى تعودا أن يحتفلا به سوياً.ولكن للأسف لم يحالفه الحظ لتقديمها لها وحدثت الحادثه .تذكر لبنى وفكر في رد فعلها إذا ما رأته على هذه الحاله وقد كانت تراه في كامل أناقته .فقد كانت صاحباتها يحسدونها لوسامته وأناقته .
وهاهو الآن طريح الفراش ذهبت وسامته ولم يعد الرجل التى تتباهى به لبنى وسط زميلاتها .فهو ليس كسابق عهده وحتى إن نجا من تلك الحادثه بالطبع لها اثار وإن كان سيشفي منها فبعد زمن .
بعد السؤال عن الحجرة الخاصه بحازم .
إتبعا محسن ولبنى الممرضه في خطوات سريعه وقد كانت لبنى تردد في سرها قائله
:
( اللهم إنى لا أسألك رد القضاء ولكنى أسألك اللطف فيه )
فهى تعلم أن المصيبه قد حلت ولكنها كانت ترجو من الرحمن أن يهون عليها وأن يلطف بزوجها الحبيب الغالى.
فتحت الممرضه باب الحجرة بهدوء وقد طلبت من لبنى ومحسن أن يلتزما الهدوء لراحة المريض .
دخلت لبنى ومحسن ليجدا حازم وقد تمدد على السرير لا حول له ولا قوة إلا بالله فقد كان وجهه مطموس المعالم لا تستطيع أن تميزه من كثرة الرضوض والكدمات .
ناهيك عن طبقات الجبس والشاش والتى كانت تغطى جسده بالكامل فيما عدا ساقه اليمنى فقد كانت الجزء الوحيد الذى خرج من الحادثه دون أدنى ضرر .
وما أن رأت لبنى زوجها الغالى على هذا الشكل حتى شهقت شهقه حاولت أن تكتمها بأن وضعت كلتا يديها على فمها ولكنها لم تستطع في ذات الوقت أن توقف دموع عينيها والتى كانت تسقط كالمطر .
ظلت لبنى هكذا لبرهه من الزمن وهى ناظرة لزوجها الحبيب .وفي ذات الوقت نظر إليها حازم ولم ينطق إلا أن بعض العِبرات قد تساقطت من عينيه وقد حاول أن يشيح بوجهه إلى الجانب الآخر من الغرفه كى لا يري لبنى وهى تراه وهوعلى هذه الحاله .فقد كانت تراه سابقاً كالجبل لا يهزه أعتى الرياح .
وفي نفس اللحظه دخل الطبيب المعالج ليتابع حالة حازم .
وما أن رأى الطبيب لبنى وما هى عليه حتى حاول أن يشد من أزرها بقليل من الكلمات على أن يخفف قليلاً من صدمتها قائلاً : لقد كانت حادثة مريعه نجا منها زوجك بفضل الله وإنه سيشفى بأمر الله على أن يمر وقت كاف لمده لا تقل عن سنه كامله سيمر خلالها بمراحل العلاج الطبيعى المختلفه وذلك كى يعود لحالته الطبيعيه الأولى إن شاء الله .
وإستطرد الطبيب قائلاً :ولكننا نأمل ألا تكون الحادثه قد أثرت على أى عضو من الأعضاء ولن يظهر ذلك إلا بعد إجراء فحص شامل لكل أجزاء جسمه .
ظلت لبنى كما هى شاخصه ببصرها ناحية زوجها وقد سمعت كل لفظ تفوه به الطبيب .
ولكنها لم تعلق .فلم يكن يهمها سوى أن تُملى عينيها من زوجها الغالى والذى غاب عنها بضع ساعات .والذى تأمل من الرحمن ألا تفقده فهو أغلى ما لديها .
صمت جميع من في الحجرة إحتراماً لتلك اللحظات التى تمر بها لبنى والتى خرجت عن صمتها قائله بصوت يشوبه البكاء :

وحتى إن كنت عضم في قفه يا حازم أرجوك أنت ألا تتركنى.
وإتجهت ناحية السرير وإحتضنت قدم زوجها بيد حانيه وأخذت تقبلها وهى تبكى قائله : لا تتركنى يا حازم . لن أسمح لك أن تتركنى وحدى .وبدون أن تدرى أزالت لبنى الشكوك والهواجس التى بداخل حازم والذى كان ينتظر رد فعل لبنى ورغم ثقته بها إلا أن الشكوك راودته .وظلت لبنى على هذا الوضع وهى غير مدركه لمن حولها .فلم يكن يهمها سوى أن يصل صوتها لحبيبها .
سمعها حازم وأدار وجهه ناحيتها وقد أدرك مدى حب لبنى له وسرت الطمأنينه في قلبه فلم يكن يدرك مدى حب لبنى له وأنه من الممكن أن يصل مداه لهذا الحد.
وظلت هكذا إلى أن نظر الطبيب لأخيها محسن نظرة فهم محسن منها أن يوقف أخته عما تفعله وذلك لأمن حازم وسلامته .
إقترب محسن من لبنى وربت على كتفها برفق قائلاً : بالله عليك يا لبنى كفي .
بإذن الله سيعود حازم سالماً معافي .
إنتبهت لبنى ليد أخيها وعدلت من نفسها بعد أن كفكفت دموعها .
ونظرت إلى الطبيب بنظرة كلها ثقه قائله : قم سيادتك بعمل اللازم والمطلوب وخذ من الوقت ما شئت .أهم شيء أن يعود حازم إلىَ بألف سلامه

تمت بحمد الله

4 comments:

الفراغ said...

اشكرك يا علياء على نهاية القصه
الحمد لله

علياء said...

حبيبتى
لا بد من النهايه السعيده
والتى نأمل جميعاً فيها.
فكفي ما بالحياه من هموم ومشاكل.
وجزاك الله ألف خير لمرورك الكريم

Belal said...

كلمة عضم في قفة دي مبالغ فيها قوي وبعجين لو واحده قالتها لواحد حتى لو كان جوزها بتبقي اهانه له اكتر منها دليل على الحب

علياء said...

أ.بلال
أشكرك لتعليقك
ولكنى قصدت من كلمة عضم في قفه أن الزوجه مع زوجها لنهاية المطاف حتى وإن أصبح عضم في قفه فهى لن تنساه ولن تتراجع عن ان تقف بجواره مهما كان حاله
جزاك الله خيرا