7/13/2009


أغار عليك

رن جرس الباب وأسرعت وفاء كى تفتحه لألا يطول صوت الجرس فيزعج حسام زوجها الذى لم يحن ميعاد إستيقاظه بعد .
وما أن فتحت الباب حتى وجدت عامل محل الورد يحييها بتحية الصباح ويعطيها باقة الورد والتى كانت قد أوصت بها عن طريق الهاتف .
كانت وفاء تود لو أن إستيقظ حسام ووجد تلك الورود والتى يحبها منتشرة في كافة أرجاء البيت .فأخذت باقة الورد وإحتضنتها كما لو أنها طفلها الصغير وإتجهت إلى أقرب الفازات لكى تضع بها أجمل وأحب الورود إلى قلبها ولما لا تكن هكذا وهى الورود التى ستراها عيون حبيبها الغالى .
دخلت وفاء إلى المطبخ لتقوم بتحضير الإفطار فاليوم ليس كأى يوم فهى في أجازة وهذا هو اليوم الوحيد الذى تجتمع فيه مع زوجها حسام صباحاً والذى لا تكاد أن تراه سوى في فترة المساء وذلك لعمله الذى يتطلب منه ساعات كثيرة فكونه يعمل رسام فإذا الوقت يأخذه فلا يحس به إلا بعد أن يكمل آخر لوحاته .
نظمت وفاء المائده ونظرت إليها فاحصه لعلها قد نسيت شيئاً ما فهى تريد أن يكون كل شيء كامل وفي مكانه الصحيح كى تنعم بكل دقيقه تمكثها مع زوجها فلا تضيعها .
إلتقطت وفاء باسمه لورده تعلم هى كم يفضلها حسام من كافة أنواع الورود وأخذت تشمها لتتأكد من جمال رائحتها وإتجهت نحو حجرة النوم .
يأخذ حسام نفساً عميقاً ليشم تلك الورده والتى كانت تداعبه بها وفاء وفتح عينيه باسماً ليقول : صباح الخير
وفاء: صباح الجمال
حسام : ايه الجمال ده ورد ووجه حسن فاضل الماء ؟
وفاء : الماء والفطار جاهزين .
حسام : طيب اسبقينى وانا جاى .
جلس حسام لينبهر بمنظر الافطار الشهى والتى أعدته وفاء .
حسام : الله الله ايه ده كله ياريتك تاخدى اجازة كل يوم .
وفاء: قال يعنى انت هتقعد تفطر منت بتجرى على المرسم اللى حاسه انه ضرتى .
حسام : خلاص نبطل شغل طيب وانتى كمان تسيبى شغلك ونقضيها شحاته وينفجر ضاحكاً .
تضحك وفاء وتقول : على فكرة الموبيل رن كتير .
حسام : ومرديتيش ليه .
وفاء: وأرد ازاى وهم تبع شغلك .
ذهب حسام ليلقي بنظرة على الموبيل .
حسام : يا خبر دى مدام صفاء .
ترفع وفاء حاجبيها قائله : صفاء مين ؟؟
حسام : صاحبة الفيلا اللى متفقه معايا على اللوحات منا قلتلك .
وفاء ترد بضيق :آه افتكرت . ودى عاوزة ايه ؟
حسام :أكيد عاوزة الشغل بتاعها .دى رنيت كتير اوى .
وفاء : انا مش فاهمه ليه الرجاله اصحاب الفيلات مش هم اللى بيتفقوا معاك على الشغل
حسام :ومين قال .في شغل كتير بيكون مع رجاله بس الفيلات دى ليها طابع خاص لانها محتاجه احساس عالى والستات عامة بيكون احساسها عالى .
وفاء : يا سلام . وانت طبعاً سيد من يقدر الاحساس العالى ده .
ينظر حسام للمائده ويتنهد قليلاً ثم يقول : يا وفاء يا حبيبتى ألف مرة أقولك إنك حبي الأول والأخير وإنى لا يمكن أبص لواحده غيرك مهما كان .وبعدين دول كلهم مدامات محترمين جداً كل التعامل بينى وبينهم شغل وكمان محدش بيجيلى المرسم علشان تطمنى انا اللى بروح بنفسي وباخد اللوحات اوريها ليهم رغم انه تعب عليه بس علشان خاطرك تتأثر وفاء بما قاله حسام وترد قائله : إنت عارف يا حسام أنا بحبك أد إيه بس أنا بغير عليك أوى ومش بستحمل أنى أشوف أى واحده ست تكلمك .
يرد حسام : طب أعمل ايه طيب مهو الشغل معظمه في الفيلات الراقيه اللى محتاجه لوحات فنيه خاصه ولازم صاحبات الفيلات يكلمونى علشان يحددوا هم عاوزين ايه .مش بقولك نقعد من الشغل ونقضيها شحاته .
إبتسمت وفاء قائله : حصل خير بس خد بالك انا مصحصحه اوى .
حسام : يا حبيبتى اللى يتجوز مرة ميقدرش يتجوز تانى .
وفاء: كلكم بتقولوا كده في الاول .
حسام : الا انا لانى معايا اميرتى اللى بحبها ومقدرش استغنى عنها .
وفاء : ربنا يخليك ليه يا حسام يارب .
وأكملا تناولهما للإفطار على عجاله بعد أن أخذت المناقشه وقت طويل وإن كان لا بد منها .
خرج حسام من المنزل مودعاً وفاء . والتى حاولت أن تبدأ في أن تقوم بشغل المنزل ولكنها لم تستطع فمازال النقاش الذى دار بينها وبين حسام يدور برأسها .
إستعاذت بالله وحاولت أن تنفض الأفكار من رأسها ولكنها لم تستطع .وقاطع تفكيرها رنين الهاتف وكان المتحدث أحد الأشخاص اللذين تعرفهم جيداً .
وفاء : السلام عليكم . من معى ؟
المتحدث : أيوة يا مدام وفاء .أنا عبد الله الجواهرجى .
وفاء : أيوة يا أ.عبد الله خير في حاجه .
عبد الله : أيوة حضرتك أ. حسام كان نسي شنطه هنا لما جه المرة اللى فاتت .
وفاء : شنطة ايه ؟
عبد الله : الخميس اللى فات جه ونسي شنطه ومن يوميها كل ما اتصل محدش يرد .
وفاء : أه شكرا يا أ.عبد الله .
عبد الله : وعجبتك السلسه .
تصمت وفاء قليلاً مندهشه وترد قائله : سلسة ايه .
عبد الله : السلسه اللى اشتراها أ .حسام يارب تكون عجبتك .
وفاء : آه حلوة تسلم ايدك .
عبد الله : طب تمام الحمد لله .سلامى لأستاذ حسام .
يغلق عبد الله الهاتف ويترك وفاء في عالم آخر . فلقد إرتكنت على أحد الكراسي مفكرة في كل ما قيل لها .
اليوم هو السبت وحسام كان قد إشترى الهديه يوم الخميس الماضي ولا يوجد سبب للشراء سواء عيد ميلاد أو عيد زواج أو أى مناسبه .
وحتى إن كان هناك مناسبه فلما لم يقدمها لها . أيكون قد نسي ؟
أخذت وفاء تفكر وتفكر ثم إتجهت لحجرتها وأخذت تبحث في الدولاب لعلها تجد ما يجيبها على سؤالها الحائر وفجأه تجد علبة مجوهرات فارغه في جيب قميص حسام . أخذت تبحث أكثر وأكثر لعلها تجد السلسله ولكنها لم تجدها .
إرتمت وفاء على سريرها باكيه فلم تصدق أبداً أن يخونها حسام .
مسحت دموعها وقررت أن تتصرف بعقلانيه أكثر . فلتذهب إلى حسام وتواجهه فلعله يجيبها .فقد يوضح لها الامور وأن كل ما في رأسها ماهو إلا خيالات واهيه .
إرتدت وفاء ملابسها بأسرع ما يكون ونزلت لتشير إلى أول تاكسي وجدته أمامها وتوجهت إلى المرسم .
دخلت وفاء المرسم لتلقي بالتحيه على زملاء حسام واللذين إندهشوا لتواجدها فجأة .
سألتهم عن حسام فأجابوا أنه بالداخل .
توجهت وفاء إلى الداخل لتجد حسام منهمك في رسم إحدى لوحاته
وبادرته قائله : سلام عليكم .
نظر حسام خلفه ليجد وفاء في حاله غريبه لم يعتدها عليها من قبل .
رد السلام وقال : وعليكم السلام خير يا وفاء فيه حاجه .
وفاء : لا أبداً مفيش حاجه وحشتنى قلت أجى أسلم عليك .
ينظر حسام بتعجب لوفاء ويقول : إنتى على طول وحشانى بس كان ممكن تتصلى .
وفاء : لا أنا قلت أجى أشوفك بنفسي .
يضحك حسام : آه أنا كده فهمت . ماشي يا ستى أدينى أهو ومعايا زملائي كلنا رجاله في بعض .
تنظر وفاء صامته
حسام : ايه يا وفاء مالك فيكى ايه .طب على العموم انا كنت محضر حاجه لغاية بالليل بس ادام جيتى وتعبتى نفسك يبقي تشوفيها بقي دلوقتى .
يذهب حسام ليحضر لوحه كبيره مغطاه ويسندها على حامل الرسم ويبتسم قائلاً : ها غمضي عينيكى .
تنظر إليه وفاء وكأنها تعطى لنفسها آخر أمل في أن يكون كل ما ظنته أوهام فتغمض عينيها .
يقوم حسام بازالة الغطاء من على اللوحه ويقول : إفتحى عينيكى .
وحينما تفتح وفاء عينيها تصاب بدهشه تخرسها عن الكلام وجعلت أنهار من الدموع تسيل من عينيها .
فلقد رسم حسام نفسه وقد ظهر قلبه واضحاً وبداخل قلبه رسم وفاء وأسفلها كلمة أحبك للأبد .
ووضع حسام أمام عيون وفاء تلك السلسله التى كان إشتراها فلقد إحتفظ بها طيلة هذين اليومين الماضيين كى يرسم قلبه مطابقاً لقلب السلسله كى تكون ذكرى تحتفظ بها حبيبته الغاليه وفاء .
إنفجرت وفاء في البكاء فلقد كادت أن تهدم بيتها بسبب غيرتها الجنونيه ولولا لطف الله بها لوقعت الكارثه فماذا سيكون الحال إذا ما تسببت في أذى حسام أن أحرجته وسط زملائه بسبب غيرتها الغير حميده .
تمتمت وفاء بحمد الله وأمسكت بيدى حسام لتقبلها حينما أدركت أن حسام يحبها وأنها أيضاً تحبه ولكنها أدركت أن حبها المتهور قد يؤدى لنتائج سئيه أن يفقدها أعز ما تملك دون أن تدرى .
تمت بحمد الله

No comments: